الشهيد محمود عبد الفتاح جودة (أبو العبد)
القائد العام لسرايا القدس والذي خلف القائد العام "مقلد حميد"
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الاسم: محمود عبد الفتاح جودة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العمر: 24 عاماً
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
السكن: مخيم جباليا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المستوى التعليمي:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الوضع العائلي: متزوج وله بنتان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
تاريخ الاستشهاد: 28/02/2004
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
كيفية الاستشهاد: عملية اغتيال بالطائرات
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لم يكن مستغربا لدى أي ممن عرفوا الشهيد محمود عبد الفتاح جودة ابن الأربعة والعشرين ربيعاً والذي اغتالته مروحيات الاحتلال مساء يوم السبت (28/2/2004)، واثنين من مرافقيه أن يكون هذا المقاوم ورغم صغر سنه قد استلم قيادة الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي المعرف باسم "سرايا القدس" خلفا للقائد السابق مقلد حميد الذي استشهد قبل نحو شهرين.
وكانت حركة الجهاد الإسلامي قد أناطت إلى الشهيد القائد محمود جودة قيادة "سرايا القدس" خلفاً لقائدها السابق مقلد حميد الذي اغتالته مروحيات الاحتلال في 25 كانون أول (ديسمبر) الماضي هو ونبيل الشريحي أحد قادة السرايا حيث استشهد معهم ثلاثة آخرين.
وتدرج الشهيد جودة في نشاطه بحركة الجهاد الإسلامي منذ نعومة أظافره، حيث ترعرع وتربى في أحضان هذه الحركة، وكان شبلا مميزا من أشبالها، وكان مسؤولاً للجماعة الإسلامية" الذراع الطلابي للحركة في مدرسته الثانوية في مخيم جباليا، وكذلك فيما بعد كان مسؤولاً لهذا الذراع الطلابي بعد وصوله للجامعة وكان خطيباً مفوهاً.
وبشكل متوازٍ في تدرجه بالعمل الطلابي ارتقى الشهيد جودة في عمله العسكري حيث امتشق بندقيته منذ أن كان في الثامنة عشرة من عمره في صفوف الذراع العسكري للجهاد الذي كان اسمه آنذاك القوى الإسلامية المجاهدة "قسم"، وبعد ذلك انضم جودة إلى ما عرف باسم "جيل الاستشهاديين" حيث اعتقل عام 1997 من قبل جهاز المخابرات الفلسطينية العامة هو وعشرة من حركة الجهاد واتضح أنهم "جيل الاستشهاديين" كانوا يخططوا لشن عمليات استشهادية ضد أهداف صهيونية.
وظن الجميع أن اعتقال جودة في سجون السلطة سيطفئ حماسه وسيثنيه عن مواصلة عمله إلا أنه وبعد الإفراج عنه من سجون السلطة بدا اشد حبا للعمل العسكري، ورافق الشهيد مقلد حميد، حيث لعب دورا هاما في قيادة "سرايا القدس" خلال انتفاضة الأقصى.
وكان جودة والذي يتمتع بشعبية كبيرة في مخيم جباليا مسقط رأسه؛ يعتبر الذراع الأيمن لحميد، والمسؤول الميداني لسرايا القدس حيث كان يجري الاتصالات والتنسيق مع الأذرع العسكرية الأخرى للفصائل الفلسطينية، ويعمل على الأرض في متابعة الخلايا العسكرية.
وعلى الرغم من أن اغتيال الشهيد القائد مقلد حميد كان يعتبر ضربة كبيرة لسرايا القدس إلا أن هذه الجهاز تمكن وبعد استلام جودة القيادة من استعادة توازنه بسرعة نظراً للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها جودة رغم صغر سنه، ولكن قيادته لهذا الجهاز لم تستمر سوى شهرين ونيف حيث اغتيل في الشارع نفسه الذي اغتيل فيه من قبله حميد لتتحقق أمنيته (الشهادة) التي من أجلها خرج مقاتلاً.
ويقول أحد المقربين من جودة "إن الشهيد كان حزينا جدا حينما تم كشف أمر"جيل الاستشهاديين" من قبل السلطة الفلسطينية وأحبطت خروجه في عملية استشهادية كان يتوقع أن يقتل فيها عدد من الإسرائيليين انتقاما لدماء الشهداء، ولكن ذلك منحه فرصة أن يواصل عمله ليشارك ويخطط لعدد من العمليات سقط فيها اكثر بكثير من الإسرائيليين الذين كان يتوقع أن يقتلهم في حال خرج في عملية استشهادية".
وباستشهاد جودة تكون "سرايا القدس" قد فقدت خلال الشهرين الماضين أربعة من قادتها الكبار خلال عمليات الاغتيال، وتلقيها لضربات موجعة، الأمر الذي لم ينفه أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي الشيخ نافذ عزام وقال: "صحيح تلقت "سرايا القدس" مؤخراً ضربات موجعة، والشعب قدم التضحيات، ولكن هذه سنة دارجة في الصراع، وهو صراع طويل ولن ينتصر شعبنا إلا عبر تلال من التضحيات".
وأكد الشيخ عزام أن حركة كالجهاد الإسلامي التي قدمت تضحيات كبيرة في مقدمتها استشهاد مؤسسها وأمينها العام الدكتور فتحي الشقاقي عام 1995؛ لن تعجز عن إفراز وإخراج قادة جدد على غرار حميد وجودة.
واستدرك القيادي في حركة الجهاد الإسلامي قائلا "لكن نحن في الأساس نعتمد على عون الله وتوفيقه وقوته وشعبنا وإصراره على المقاومة، ونتصور أن التضحيات جزء أساسي من مسيرة الشعوب نحو حريتها واسترداد كرامتها."
وحول سهولة وصول قوات الاحتلال لهؤلاء القادة أضاف عزام: "أن إسرائيل موجودة على الأرض، ومكثت سنوات طويلة هنا وخلقت جيشا من العملاء، وللأسف لم يجرِ التعامل مع هذه المسالة بصورة جدية في السنوات التي سبقت الانتفاضة، وإسرائيل تملك تقنيات حديثة جدا وتهيمن على الجو والبحر وتحاصر الفلسطينيين من كل ناحية، وتملك كذلك وسائل كبيرة لتحقيق ما تريد، والفلسطينيون يكادون يفتقدون إلى أبسط الإمكانات".
وناشد الشيخ عزام جميع المقاومين الفلسطينيين إلى أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر خلال تنقلاتهم، وقال: "ولكن أولا وأخيرا التوكل يجب أن يكون على الله، وهذه حرب مفتوحة يمكن أن تخسر فيها كما تكسب".
وشارك أمس الآلاف من الفلسطينيين في تشيع جثامين جودة ومرافقيه ايمن وأمين الدحدوح حيث خرج الموكب المهيب للشهداء من مشفى الشفاء بغزة وتوجه إلى منازلهم في مخيم جباليا وحي الزيتون بغزة حيث دفن جودة في مقبرة الشهداء في بلدة بيت لاهيا وذلك بعد الصلاة عليه في مسجد القسام في البلدة ، فيما دفن الشهيدين الدحدوح في مقبرة الشيخ رضوان في مدينة غزة بعد الصلاة عليهما في المسجد العمري "الكبير" في المدينة.
الاستشهادي... الحقيقي...
لم يمض سوى شهرين ما بين استشهاد مقلد حميد أبو حمزة قائد سرايا القدس في قطاع غزة، واستشهاد ساعده الأيمن الذي تولى دفة القيادة بعده الشهيد محمود جودة الذي حاول خلال هذه الأيام القليلة أن يتجاوز المحنة التي ألمت بالجهاز العسكري للجهاد الإسلامي بعد استشهاد قائده العام.
وربما كان الحرص الشديد على استمرار السرايا في عملها هو الذي دفع الشهيد محمود للظهور أكثر من مرة بشكل علني يقوي من العزائم ويحاول إصلاح ما دمره الاحتلال فوقف في تأبين مقلد حميد عريفا للحفل وهو يرتدي الزي العسكري ويخطب في الناس محرضا على القتال في سبيل الله وداعيا أفراد السرايا وقادتها إلى سرعة الرد والانتقام.
محمود تولى قيادة السرايا وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من العمر فقد ابصر النور في الحادي والعشرين من شهر أبريل 1980 في مخيم جباليا الذي وصلت إليه أسرته المهاجرة عام ثمانية وأربعين من مدينة اسدود داخل فلسطين المحتلة عام ثمانية وأربعين، فكان الولد البكر لأبيه وأمه من بين خمسة ذكور واثنتين من الإناث.
كان محمود يستمع إلى حكايا والده عن بلدتهم الأصلية، بل كان يراها وهو صغير في رحلته مع والده ثم اصبح يراها على شاشات التلفزيون كميناء مهم داخل فلسطين المحتلة عام ثمانية واربعين.
استقرار محمود مع أسرته في مخيم جباليا وهو كما يعرف بمخيم الثورة جعل محمود يعيش عن قرب آلام اللجوء وقهر الاحتلال .. فمن مخيم جباليا اندلعت الانتفاضة الأولى ومن مخيم جباليا انطلقت أول عملية استشهادية للمقاومة الفلسطينية، وكان محمود من المشاركين للإعداد لها مع قائده مقلد حميد، وذلك حين انطلق الشهيد نبيل العرعير ليفجر نفسه وهو يستقل دراجة هوائية بجنود الاحتلال عند مفرق كوسوفيم العسكري ويقتل ويجرح عددا منهم.
درس الشهيد "محمود جودة" المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس مخيم جباليا للاجئين، ودرس الصفين الأول والثاني ثانوي في مدرسة أسامة بن زيد في منطقة عباد الرحمن "الصفطاوي"، وأنهى دراسة الثانوية العامة في مدرسة أحمد الشقيري الثانوية.
واصل شهيدنا المجاهد "أبو المحتسب" تعليمه الجامعي، فالتحق بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، لكنه لم يكمل تعليمه بسبب ملاحقة قوات الاحتلال الصهيوني، وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية له.
تزوج الشهيد "محمود جودة" برفيقة حياته التي كانت تعلم انه مطلوب لقوات الاحتلال ولم تتردد هي وعائلتها في قبوله، قبل نحو ثلاثة أعوام، حيث أنجبت له طفلتين، وهما: "بتول" وتبلغ من العمر عامين، و"نور" وتبلغ من العمر شهرين وقت اغتياله.
محمود انضم أولا كمقاتل في القوى الإسلامية المجاهدة "قسم" وهي الجناح العسكري السابق للجهاد الذي بدأ للإعداد لعمليات استشهادية للجهاد، وقد اعتقل محمود مع عشرة استشهاديين خلال حملة الاعتقالات الشهيرة التي نفذتها أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي حيث كان محمود يحتل الرقم واحد بين الاستشهاديين العشرة الذين كانت الجهاد تعدهم، وأمضى عدة اشهر في سجون السلطة الفلسطينية ليخرج محمود من السجن ويبدأ بالتدرج من استشهادي تابع لجهاز عسكري لقائد ميداني لمجموعات مسلحة قبل أن يصل أخيرا لقائد الجناح العسكري للجهاد، وهو لم يبلغ بعد الرابعة والعشرين مع جيل جديد من الجهاد تحول من عناصر فاعلة إلى قادة ميدانيين.
مساء السبت الموافق 28/شباط فبراير كان محمود قد أنهى اجتماعاً مع عدد من المقاومين بينهم القائد الميداني لسرايا القدس في حي الزيتون ايمن الدحدوح وابن عمه خبير التصنيع في السرايا، كانوا يعدون خلاله لعملية عسكرية جديدة وخرج معهم وعلى بعد أمتار قليلة من مكان استشهاد قائده مقلد حميد أطلقت الطائرات الإسرائيلية أربعة صواريخ فتتت السيارة وجسد الشهيد الذي نال الشهادة كما أراد وتمنى.