--------------------------------------------------------------------------------
من ابرز قادة السرايا في شمال غزة..القائد:محمد الترامسي..مجاهد في الميدان..وعاشق لجنان الرحمن.
إنه العطاء الذي لا ينضب, عطاء شقه المجاهدون بدمائهم, وسلكه العابدون بإيمانهم وإخلاصهم, ليجودوا بأغلى ما يملكون؛ الأرواح التي لا تباع إلا لله لأن سلعتها الجنة, فطريقنا لا يعرف سوى شعبتين، جهاد حتى الشهادة أو مواصلة حتى النصر والتمكين.
الميلاد والنشأة... :
في يوم السادس والعشرين من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعوين، كان المربي الفاضل سعيد محمود الترامسي على موعد مع ميلاد نجله البار "محمد" "أبا السعيد"، حيث ولد الشهيد أبا السعيد، لأسرة فلسطينية هاجرت من بلدة "هربيا" منذ عام ثمانية وأربعين وتسعمائة والف، أرضعته أمه فيها حليب العزة والأنفة والإباء، وربته منذ الصغر على الصدق والشجاعة والالتزام بالمسجد والصلاة، فلم يكن يغيب عن المسجد لارتباطه الشديد به وحبه الكبير ليبقى دائماً في رحاب الرحمن يعمل على تربية إخوانه التربية الصحيحة، ونشأ "أبو السعيد" في ظل ظروف اقتصادية صعبة جعلته يتحمل المسؤولية منذ الصغر.
وتتكون عائلة الشهيد الترامسي من والديه الأكارم و7 من الإخوة والأخوات، وقدر الله أن يكون ترتيبه السادس بينهم، حيث أنهى الشهيد دراسته الأساسية في مدارس وكالة الغوث لللاجئين، ومن ثم انتقل ليتعلم مهنة الحدادة في الوكالة.
وتزوج شهيدنا "أبا السعيد"، منذ أربعة عشر عاماً، ولكن الله لم يمن عليه بالذرية، ومع بداية انتفاضة الأقصى التحق شهيدنا في صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ومن ثم انضم إلى صفوف جناحها العسكري سرايا القدس، حتى أصبح أحد قادتها المميزين على مستوى شمال القطاع.
صفاته...:
وما يتميز به الشهيد القائد محمد الترامسي، انه كان صادقاً مخلصاً تقياً وورعاً، صابراً على البلاء، حكيماً في قراراته، كما كان يغلب عليه الصمت الذي يخفي وراءه ثورة لا تهدأ، وحينما كان يتحدث فلا تجده إلا عند أحاديث الجهاد والمقاومة وما هو ضروري.
لقد كان رحمه الله، مجاهدا صنديداً لا يخشى في الله لومة لائم، كان شامخاً كالجبال واسع الصدر كالصحراء الممتدة، ليّن الجانب كالغصن الطري، كما يجب ان يكون المؤمن الحق والمجاهد الصادق.
مشواره الجهادي...
إن ما يميز الشهيد محمد مما جعله يستحق لقب القائد بجدارة، هو مشواره الجهادي الممتد على مدار سنوات انتفاضة الأقصى، قضاها في الدعوة لله، ومن اجل رفع راية الإسلام، ونشر فكر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وتدرج أبا السعيد في السلم العسكري في سرايا القدس، إلى أن أصبح نائب القائد العام للمنطقة الشرقية في شمال غزة، وذلك بسبب نشاطه وخبرته العسكرية، التي صنعت منه قائداً عظيماً.
كان للشهيد القائد دوراً بارزاً في قيادة سرايا القدس في شمال قطاع غزة، حيث بدأ بتشكيل المجموعات والسرايا العسكرية، واخذ يدرب إخوانه على السلاح وإعداد العبوات الناسفة والأحزمة، كما كان له الدور البارز في تشكيل الوحدة الصاروخية في شمال غزة، التي كانت مهمتها دك المستوطنات الصهيونية بالصواريخ القدسية المظفرة.
وكان للشهيد حضور متميز في صد الاجتياحات التي يتعرض لها شمالنا الصامد، من خلال الاشتباكات المسلحة وزرع العبوات، حيث ابتكر شهيدنا أبا السعيد طريقة تفجير العبوات عن طريق الهاتف النقال "الجوال"، حيث أن الكثير من أخوانه في الجهاد والمقاومة شاهدوه وهو يفجر إحدى جرافات الاحتلال في منطقة الشيخ زايد.
كما كان ضمن المجموعات التي استطاعت أن تدك مدينتي المجدل وسديروت بعدد من صواريخ "جراد" و"قدس"، برفقة الشهداء محمد الدحدوح وحسام أبو حبل وسمير بكر وأسامة ياسين.
الشهادة...
بعد الليلة التي استطاع فيها جيش الغدر الصهيوني من اغتيال عدد من قادة سرايا القدس في مدينة غزة، ومنهم القائد العام للسرايا ماجد الحرازين "أبا المؤمن"، وحيث كان الشعب الفلسطيني كله موجهاً أنظاره ومسامعه إلى المجزرة التي ارتكبت بحق سرايا القدس وقادتها، كان الجيش الصهيوني يجهز لعملية اغتيال جديدة بحق كوكبة من قادة سرايا القدس في شمال غزة، حيث كان الشهيد محمد الترامسي هو وإخوانه المجاهدين حسام أبو حبل وأسامة ياسين وسمير بكر، خارجون لتوهم من المسجد بعد تأديتهم صلاة الفجر في جماعة، وهم صائمون يوم الله المبارك يوم "عرفة"، حيث أن الشهيد الترامسي صائما يومه العاشر على التوالي، وما أن توقفوا بالقرب من منزل الشهيد الترامسي في ساحة مسجد التوبة في مخيم جباليا، باغتتهم طائرات الاستطلاع الصهيونية بعدد من صواريخها.
وبعد قليل من صوت الانفجار، خيم السكون والصمت المكان، وفجأة علا التكبير أرض مخيم جباليا والشمال الصامد، واعتلت أرواح الشهداء فوق غزة، لتعانق ارض الوطن ولتصطف نجوماً في سماء الوطن تنير الطريق للجيل القادم.
أبا السعيد وداعاً لروحك الطاهرة التي تلهمنا الإصرار لمواصلة الجهاد على دربك وإخوانك الشهداء أبا عبيدة وأبا علي وأبا عماد.